JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الهجرة ومساهمتها في خدمة قضايا الجزائربين خلال الفترة 1830-1900

 

الهجرة ومساهمتها في خدمة قضايا الجزائربين خلال الفترة 1830-1900

الهجرة:

لعبت الظروف الاجتماعية السيئة في الجزائر دورها في عملية الهجرة، وذلك على الصعيدين الداخلي والخارجي فعلى الصعيد الداخلي شهدت هجرة كبيرة لسكان الأرياف إلى المراكز الحضارية وخاصة المدن الكبرى، وهو مذكرته سابقا بخصوص النزوح الريفي، وعلى أن الهجرة أجبرت الفلاحين على الاندماج بصورة جماعية في سوق قوة العمل الريفية،ثم الحضارية، وذلك بعد تجريدهم من أراضيهم، ولقد اشتدت هذه الظاهرة في الجزائر مند سنة 1884

أما فيما يخص الهجرة الخارجية، فقد اتخذت في ذلك مسارين الأول نحو العالمين العربي والإسلامي، وتم اندماج المهاجرين في هذا الوسط الذيعاشوا فيه، والمسار الثاني نحو فرنسا طلب للعمل بدأت هذه الظاهرة مند الاحتلال وتكاتفت بعد ذلك خاصة أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد بدأت هجرة المسلمين إلى بلاد الإسلام مند أولى سنوات الاحتلال فمند سنة 1832م، تكونت طائفة من المهاجرين ببلاد المغرب، فهناك من يعود بجذورهاإلى سنة 1832م، لأنها السنة التي تفجر فيها اضطهاد فرنسا للجزائريين أكثر من أي وقت مضى،تمثلت في عملية الإبادة الوحشية وفرض الغرامات المالية الباهظة والمصادرات العقارية، ومن جهة أخرى أدت عملية التهجير لقسري والنفي والإبعاد لطبقة التجار التي كانت تعتبر طبقة غنية،إلى تقليص الخزينة التجارية التي كانت قائمة على البيع والشراء خاصة بعد هدم الدكاكين والعمارات والمحلات التي كانت عبارة عن أملاك خاصة لهذه الفئة.

أسبابها:

لقد تعددت أسباب الهجرة، ولعل أهمها القوانين الاستثنائية والمحاكم الردعية التي عملت على استعباد الشعب الجزائري، وحرمانه من أبسط الحقوق والحريات، وإن إلحاق الجزائر بفرنسا سنة 1834م وإصدار قانون مجلس الشيوخ سيناتوس كونسيلت سنة 1865 وقانون الأهالي سنة 1881،هو خرقا للاتفاق المبرم بين الجزائر وفرنسا كما كان خرقا لجميع مبادئ الديمقراطية، وهذا ما جعل مجموعة من الشباب يغادرون البلاد بحثا عن ظروف أحسن، ومن هنا يتضح لنا الهدف الرئيسي للهجرة.

كما كان إصدار مرسوم كريميو يوم 24 أكتوبر 1870، والذي نص على تجنيس جماعي ليهود الجزائر البالغ عددهم آنذاك 34574 يهودي بالجنسية الفرنسية، وحصل بموجبه اليهود على الحقوق السياسية والاجتماعية والقانونية كمواطنين مثل بقية الفرنسيين بالمقابل إهمال الجزائريين، الأمر الذي أدى إلى نفورهم إلى الخارج، ويعد الشعور بعدم الراحة بسبب الاضطهاد من العوامل التي دفعت للهجرة، وسوء الحياة في الجزائر إضافة للهروب من الغضب الذي في نفوسهم من أجل أجل الحفاظ على كرامتهم المهدورة،والضيق النفساني بالوطن المغتصب، وما يمكن ملاحظته أن ما آل إليه المجتمع الجزائري جراء القمع الاستعماري دفعه إلى الهجرة، وان كانت أغلبيتها هجرت قسرا وتم نفيها ونفيا لكون الهجرة تكون غالبا طواعية وليست وليدة ظروف قاسية وإجبارية حتمية.

هذا وقد أدت عمليات المصادرة المكثفة للملكية التي مست الأراضي الجزائرية بمختلف الوسائل الممكنة خاصة في عهد الجمهورية الثالثة إلى تراجع مساحة أملاك الجزائريين الزراعية، بمقابل ارتفاع أملاك المستوطنين من مليون هكتار تقريبا سنة 1880 إلى حوالي المليونين سنة 1914.

وإن طرد الجزائريين من أراضهم التي كانت تمثل نسبة 80 %   من مصدر رزقهم، وإبعادهم إلى المناطق الفقيرة في الجبال والهضاب، تحول بموجبها الجزائريون بذلك من ملاك الأرض إلى مجرد خماسيين، أو عمال يوميين، الأمر الذي عبر عنه ألكسي دوطوكفيل حيث قال: " لقد قلت أن أكثر ما يثير الأهالي ويخيفهم عن حق هو أن يرونا نأخذ أراضيهم ونفلحها خاصة عندما يظهر الفلاح وراء الجندي فسوف يفهمون أن الأمر لا يتعلق فقط بغزوهم بل بتجريدهم من أملاكهم أيضا ".

أما الضرائب ومع ارتفاعها المستمر فقد كانت دافع آخر للجزائريين للهجرة والبحث عن ظروف معيشية أفضل وكما لاحظنا سابقا فقد دفع الجزائريون ومع مطلع القرن العشريين ضعف ما دفعه الكولون من الضرائب دون الاستفادة منها مما قلص مواردهم، ولقد كانت أيضا للمصاعب الطبيعية الأثر الكبير على المجتمع الجزائري، حيث شهدت الجزائر مصاعب اقتصادية كثيرة، كما رأينا سابقا، وكان الجفاف أحد أسبابها مما أدى إلى تقلص حصص القمح من السوق الجزائرية، وبالتالي التعرض للجوع والفقر.

وكان الاستيلاء على المؤسسات الدينية والثقافية، وهدم البعض منها بموجب قرار 08 سبتمبر 1830،أن ساهم في هجرة العديد من العائلات والأشخاص الذين كانوا يعملون في هذه المؤسسات، خاصة وأن أملاك هذه المؤسسات الوقفية كانت مخصصة لأغراض دينية.

إنعكاساتها:

كانت للهجرة آثار سلبية كبيرة على الشعب الجزائري، فقد أدت إلى حدوث الكثير من التغيرات في العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية،فمند دخول الاحتلال الفرنسي للجزائر تدهورت الحالة الاجتماعية وبشكل ملحوظ جراء السياسة الاستعمارية التي أخذت في حقهم، فبهجرة الجزائريين أو التهجير القسري الذي تعرضوا له، بدأ يتراجع عدد السكان وتناقص بشكل كبير، ولعل أهم وأخطر الانعكاسات السلبية للهجرة أنها حرمت البلاد من طاقة أبنائها حيث صرفوا قدراتهم وقواتهم في تشييد وتعمير بلدان أخرى دون بلدهم الأصلي، ومن جهة أخرى تأثر المهاجرون الجزائريون في البلاد الأخرى وخاصة في فرنسا وأصبحت طبقة غير محصنة ثقافيا ومن السهل تضليلها لخدمة قضية فرنسا الاستعمارية، وهذا يعني أن هناك إمكانية استغلال العمال المهاجريين في قضايا لا تخدم الوطن، وتخدم مصالح دول أخرى

كما أن اعتبار العمال أجانب لا ينتمون إلى البلاد التي هاجروا إليها يعني حرمانهم من أي وجود ومن أي هيئة  تدافع عن حقوقهم التي سلبت مع غياب النوادي الثقافية، وعدم قيامها بدورها الذي يتلخص في تقريب العامل المهاجر بوطنه، مما يدفع إلى التخلي عن هويته الأصلية، وهذا وأن افراغ الجزائريين من الكفاءات العلمية والدينية والمهنية أدى بشكل مباشر إلى ركود الأوضاع الثقافية وإضعاف المجتمع الجزائري وعدم قدرته على مواجهة الاستيطان، وبذلك نتجت روابط ثقافية اجتماعية واقتصادية بين كل من فرنسا والجزائر والتي كان المستفيد الأول والأخير منها هي فرنسا.

وعلى غرار هذا هناك أثار إيجابية للهجرة والتي تكمن في مجموعة من النقاط .

إنتشار الوعي مع ظهور الحركة الطلابية، العمل النقابي والسياسي، ظهور بعض القوانين التي تحمي العمال، وفي هذا الصدد يقول شارل روبير أجرون: " إن الشباب الجزائريين أبناء عصرهم بالفعل ولكنهم ليسوا بمثابة الجيل الذي ظهر بطريقة عفوية سنة 9001  فمند 1892 كان جول فيري قد تعرف على قلة من المسلمين الذين لمس لديهم وعيا سياسيا، وذلك حينما حدثوه عن المشاكل المرتبطة بمسألة التجنيس والتمثيل والنيابة وغيرها ".

أثرت الهجرة في نفوس الجزائريين، حيث برزوا في الصحافة عند عودتهم ، حيث ظهر مصلحون في الحركة الصحفية، ومنهم نجد الشيخ "ابن باديس " في قسنطينة، والطيب العقبي في بسكرة، إضافة إلى البشير الإبراهيمي في سطيف.

هذا وكان لظهور الجمعيات والنوادي انعكاس مباشر لظاهرة الهجرة التي تركت أثرا كبير في نفوس الجزائريين، إذ عند عودتهم بروز كنخبة مثقفة حيث قادوا الحركة الإصلاحية التي عرفتها الجزائر خلال القرن العشرين عن طريق إنشاءهم الجمعيات والنوادي الثقافية التي كانت تعمل على تعبيئة الشعب الجزائري عن طريق نشر الوعي.

يمكنك التعمق أكثر في هذا الموضوع من خلال المصادر والمراجع الآتية:

عبد الحميد زوزو، الهجرة ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين 1919- 1939.

رابح لونيسي، تاريخ الجزائر المعاصر 1830- 1989.

ليندة علال فايزة قالمي، الهجرة الجزائرية نحو فرنسا أسبابها ونتائجها.

يحي بوعزيز، سياسة التسلط الاستعماري والحركة الوطنية الجزائرية 1830 إلى 1954.

الكسي دو طو كفيل، نصوص عن الجزائر في فلسفة الاحتلال والاستطان.

صلاح العقاد، المغرب العربي الكبير في التاريخ الحديث والمعاصر الجزائر تونس المغرب الأقصى.

نور الدين تنيو،هجرة الجزائريين إلى المشرق العربي بين السياسة والدين سوسولوجية الهجرة الجزائرية في التاريخ الماضي والحاضر .

عمار بوحوش، العمال الجزائريون في فرنسا.

عمار هلال، نشاط الطلبة إبان ثورة أول نوفمبر 1954 .

محمد علي دبوز، أعلام الإصلاح في الجزائر عام (1340/1921 ).

ناهد إبراهيم سوفي، دراسات في تاريخ الجزائر 1819 -1999.

 

 

الاسمبريد إلكترونيرسالة