JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

عملية اختطاف الزعماء الخمس

 

عملية اختطاف الزعماء الخمس.




 

 ظروف عملية الاختطاف :

 

أدرك مفجرو الثورة بأن نجاح العمل المسلح في الداخل مرهون بحركة دبلوماسية واسعة في الخارج توفر الدعم المادي والمعنوي لاستمرار نجاح الثورة التحريرية وهو ما سبق استنباطه من وثيقة أول نوفمبر لذلك كان تعيين كل من محمد خيضر وأحمد بن بله وحسين آيت أحمد على رأس الوفد الخارجي بعد ترجمة لقناعة الثورة بضرورة العمل على تدويل القضية الجزائرية وجلب الدعم العربي والعالمي لتغذية الثورة واتخاذ مواقف حاسمة وجادة من شأنها أن تتصدى لأسلوب السياسة الفرنسية المتبعة في المجال السياسي المبني على التعتيم الإعلامي وتشويه الحقائق حول القضية الجزائرية، وقد كانت المهمة التي يتولاها الوفد الخارجي إدارة الشؤون الخارجية الدبلوماسية وبعد انعقاد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956م كان جديد على الوفد الخارجي الاجتماع من أجل دراسة المقررات التي أفرزها المؤتمر وتفرر أن يكون المؤتمر في مدريد حيث يقول أحمد بن بله أن الاتفاق كان بينه وبين بقية أعضاء الوفد الخارجي ولكن مشابهة التطورات مجلس الوفد الذي التقى في مدريد يسافر إلى المغرب رفقة الملك محمد الخامس. من أجل حضور القمة الثلاثية المغربية المقر أن تعقد في تونس في 22/23 أكتوبر 1956م.

والجدير بالذكر أن التونسيين والمغاربة كانوا ينتظرون هذا اللقاء في تونس للحادث حول إمكانية التوصل إلى الحل سلمي بين فرنسا والجزائر خاصة وأن قائدهما كانا مؤيدان لهذا الحل وبالإضافة إلى أن السياسيون المغربيون المسئولون قد رأوا بأن هذا اللقاء فرصة هامة يجب المشاركة فيه.

استطاع ممثلو الجبهة في الخارج أو الوفد الخارجي في استقطاب الرأي العام العربي والدولي حول القضية الجزائرية على غرار فضح السياسة الاستعمارية التي تقوم على الهيمنة والبطش والإخضاع بالقوة شعب يريد العيش بكرامة مثل كافة الشعوب.

أمام هذه الوضعية الحرجة التي باتت تعاني منها السلطات الفرنسية لجأت إلى أبشع عمل مستهدف لأعمال القرصنة، لا يكاد أن يقوم به الإرهابيون بل أنه لا يليق بدولة تدعي العظمة والتقدم والتحظر وهو اختطاف طائرة القادة الجزائريين.

عملية الاختطاف:

سافر الوفد الخارجي في 22 أكتوبر 1956م على متن طائرة مغربية من نوع 3DC متوجهين إلى تونس ونظرا لعدم وجود أماكن لم يستقلوا طائرة الملك محمد الخامس الذي كان بدوره متوجه إلى تونس من أجل هذه القمة. ولقد كان الوفد يتكون من أحمد بن بلة ، حسين آيت أحمد، محمد بوضياف ، محمد خيضير، ومصطفى لشرف.

ويذكر السيد أحمد توفيق المدني أن أعضاء الوفد قد تلقوا تحذيرا كبيرا من عدم المشاركة في هذا المؤتمر الذي أرادته فرنسا مكرا وخداعا ولكن لابد عليهم الحضور لما قررته قيادة الثورة، وفي نواحي الساعة الثالثة أقلت هذه الطائرة التي كانت مخصصة لنقل هؤلاء الزعماء إلى تونس وحدث أن ظلت طريقها بمشاركة قيادتها الفرنسية وامتثالا لأمر نفد إليها حدثت عملية القرصنة ضد هذه الطائرة، كما ذكر أنهم لم يعلموا أن الطائرة اختطفت حتى شاهدوا الجيش الفرنسي يحاصرها، حيث كانوا يظنون أنهم هبطوا في مطار تونس.

وللأسف هذه الإجراءات والأفعال ضد الوفد وحسين آيت أحمد مفاجئة وغير متوقعة وقد اعتبرت هذه العملية أول قرصنة جوية في التاريخ، كان عدد الركاب في هذه الطائرة بين العشرين إلى 25 راكبا متكونين من الوفد الجزائري بالإضافة إلى صحفيين ومغربيين ومصطفى الأشراف الصحفي الجزائري، لم يدرك هؤلاء أنهم وقعوا في قبضة الفرنسيين إلا عندما أحاط الجيش الفرنسي بالطائرة وطلبوا منهم عبر الميكرفونات النزول من الطائرة وبسهولة صعدوا إلى الطائرة وهم مدججين بالسلاح وقبضوا عليهم بعد أن رفضوا النزول منها، كان هذا الفعل فعلا شنيعا فرح لأجله الاستعمار الفرنسي حيث أنه تمكن من القبض على أهم قادة الثورة معتقدا بأن ذلك سيضع حدا لاستمراريتها، لذلك وصف هذا الفعل بأنه جريمة قرصنة دولية انفردت في بشاعتها وشناعتها.

 

رد الفعل عن عملية الاختطاف :

 

وقد كان رد فعل جبهة التحرير الوطني جراء هذه الحادث الشنيعة بأن وزعت منشورا ذبجه عبان رمضان في العاصمة الجزائرية في 23 أكتوبر 1956م. بمنشور يذكر فيه أن عملية الاختطاف هي انقلابا ولن يغير من أهداف الثورة.

أما عامة الشعب الجزائري فقد نزل عليه خبر اعتقال الوفد الخارجي كالصاعقة لأن الشعب في انتظار نهاية الأزمة المريرة، كان ينتظر ويرتقب الصحف بلهفة هذه الصحف التي تنقل إليه أخبار الوفد الذي علقت الآمال حوله وحول توقف الحرب، كان الوفد في الانتظار ليحضر معه استقلال الجزائر إلى حد أن بعض الشيوخ قال ( أنني أريد أن أرى الجزائر حرة ثم أموت، لكن الوفد أعتقل وترك وراءه البؤس والخيبة بوقوع ما لم يكن في الحسبان ما أعتقل الوفد ورغم هذا لازال موجود وسيتابع المعركة حتى النهاية.

وبما أن الوفد الجزائري كان استضافة المغرب ومتجها نحو تونس فقد كان رد فعل الدولتين الشقيقتين أن ثارت ثائرتهما خاصة محمد الخامس لسماع النبأ الفظيع وقررت الدولتان ( تونس- المغرب ) استدعاء سفيريهما في باريس احتجابا على العملية المخجلة وبقيت القطيعة السياسية بين المغرب وتونس من ناحية وباريس من ناحية أخرى قائمة وبالغة في بعض الأحيان حد التوتر الخطير، كما اعتبر السلطان المغربي هذه العملية بمثابة إهانة شخصية بالإضافة إلى أن الشعب المغربي عبر عن مساندته حيث أقيمت مظاهرات أدت إلى سقوط العديد من الضحايا واتخذت منحة مأساويا وقد أدى هذا إلى موت عبد السلام  مسؤول الشرطة المحلية وكان ضابط سابق في الجيش التحريري المغربي حيث كان على رأس المتظاهرين على هذه العملية.

بالإضافة إلى موقف المغرب إزاء باريس فقد طالب بإرجاع ضيوف الخمسة لا أكثر ولا أقل أو رفع القضية إلى محكمة لاهاي الدولية، لكن موقف باريس من الناحية القانونية هو أن هؤلاء الخمسة يعتبرون مواطنين فرنسيين وهم الآن في قبضة فرنسية ولا يوجد قانون في العالم يمكن أن يحكم على هذه السلطة بتسليم مواطنيها إلى سلطة أجنبية.

أما فيما يخص الدول العربية الأخرى فقد استنكرت الصحافة المصرية هذه القرصنة الجوية التي قامت بها فرنسا حيث كتبت صحيفة الأهرام مقالا بعنوان الغدر الفرنسي مفاده أن العرب كانوا يتوقعون كل شيء من فرنسا إلا عمل هذا الفعل الخسيس كما ذكرت أن هذا العمل يدل على عجز فرنسا بكل ترسانتها العسكرية في مواجهة قادة الثورة الجزائرية،

وقد عبر حزب البعث العربي الاشتراكي عن موقفه تجاه هذه الحادثة واصفا إياها بأنها أحط عملية قرصنة في القرن العشرين وان فرنسا إضافة إلى سجلها المليء بالمخازي عارا جديدا ستنكره جميع أحرار العالم، وعندما تقرر عرض قضية الجزائر في هيئة الأمم المتحدة نشر الحزب مقالا حذر فيه من المناورات الفرنسية لعرقلة بحث القضية الجزائرية في هذه الهيئة الدولية وكشف عن محاولات فرنسا لإبعاد القضية عن مشاورات عن الجمعية العامة.

 كان هذا باختصار فعل الدول العربية التي كانت لها علاقة مع الثورة الجزائرية وقاضتها فقد عبرت كل واحدة منهم عن استنكارها لهذا الفعل المشين الذي سمحت فرنسا من خلاله لقضاء على القيادة الخارجية للثورة حيث أنه لم يظهر لها بأن هذه الثورة عبارة عن زبذة الثورات السابقة، ليس بثورة منفردة متعلقة بشخص معين وإنما هي ثورة شعبية عارمة تحت قيادة الشعب لمعت في سماءها نجوم كثيرة منها حسين آيت أحمد من خلال ما قدمه لها محاولا التعريف بها في مختلف المحافل الدولية بالإضافة إلى جلب الرأي العام العالمي العربي مند تفجيرها والى غاية يوم اختطافه كما كان له مواقف مختلفة حتى بعد الاستقلال.

 

يمكنك التعمق أكثر في هذا الموضوع من خلال المصادر والمراجع الآتية:

 

عمر بوضربة : النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سبتمبر 1958 جانفي 1960م.

عمار قليل : ملحمة الجزائر الجديدة.

أحمد المنصوري : أحمد بن بله يكشف عن أسرار الثورة الجزائرية.

أحمد توفيق المدني:  حياة كفاح.

محفوظ قداش : تحررت الجزائر.

رضا مالك الجزائر في ايفان تاريخ المفاوضات السرية (1962-1956).

عمر بودود : من حزب الشعب الجزائري إلى جبهة التحرير الوطني.

جريدة المقاومة الجزائرية : لسان حال جبهة التحرير الوطني والجيش التحرير الوطني.

مشري عمر، رحيل أحد صقور الثورة، حسين بايت أحمد ، مجلة أول نوفمبر ع 181-182.

أحمد الشقيري : قصة الثورة الجزائرية.

عبد الله الركيبي: دكريات من الثورة الجزائرية 1954-1958م.

عبد الله مقلاتي : مصر والثورة التحريرية الجزائرية.

أحمد برجس سليمان خندي : الثورة الجزائرية في مبادئ حزب البحث الاشتراكي 1954-1962م.

 

 

الاسمبريد إلكترونيرسالة