JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

واقع الحركة الوطنية قبيل انعقاد المؤتمر الإسلامي (تيارات الحركة الوطنية)

 واقع الحركة الوطنية قبيل انعقاد المؤتمر الإسلامي (تيارات الحركة الوطنية)



أولا: التيار الاستقلالي( نجم شمال إفريقيا،حزب الشعب):

 حركة سياسية عمالية ثورية بدأت فكرة إنشاءه تتجسد بداية من سنة 1923م من خلال لجنة الدفاع عن الأندنيجينا، تأسست في ضواحي باريس، كما تم تنظيم في سنة 1924م العديد من المحاضرات للمهاجرين الجزائريين..

اهتم بظروف العمال، ومن بين الذين نشطوا هذه المحاضرات الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر.

وقد كانت البداية الفعلية لهذا الاتجاه الكفاحي في فرنسا سنة 1925م بسبب وجود عدد كبير من العمال الجزائريين المهاجرين، ويرتبط هؤلاء بالحركة العاملة في فرنسا ويؤمنون بأفكارهم الثورية، لذلك نشأت في ظل الحزب الشيوعي الفرنسي جمعية نجم شمال إفريقيا في سنة 1925م، إذ أنشأها الحاج عبد القادر للدفاع عن المصالح الأدبية المادية والاجتماعية لمسلمي إفريقيا.

وتأسس فعليا في 20 جوان 1926م في باريس بين المهاجرين الجزائريين والتونسيين والمغاربة بفرنسا.

 

   وقد تولى زعامة الجمعية مصالي الحاج، واستقى شؤونها وتنظيمها عن الحزب الشيوعي الفرنسي، لكنه كان  وثيق الصلة به متأثرا باتجاهاته إلى مدى بعيد،

أما جمعية نجم شمال إفريقيا فقد استقر برنامجها على المطالبة بالاستقلال، فاتفقت في الرأي مع الحزب الشيوعي الذي تقدم معها في عام 1934م ببرنامج موحد.

 كان مصالي الحاج يسعى من خلال نجم شمال إفريقيا إلى تحقيق استقلال الجزائر والثورة الاجتماعية، ومن بين صحف نجم شمال إفريقيا نجد: صحيفة الإقدام وصحيفة الشمال الإفريقي ثم جريدة الأمة.

  كما تبنى نجم شمال إفريقيا الخطوط العريضة لبرنامج حركة الشباب الجزائري التي كان يقودها الأمير خالد وهي كالتالي:

- إلغاء نظام الأندنيجينا وما يترتب عليه.

- الاقتراع العام لجميع الأهالي على قدم المساواة مع المواطنين الفرنسيين.

- المساواة في الضرائب.

- التعليم الإجباري والمجاني لجميع الأهالي. والحق في ارتيادهم جميع مستويات التعليم.

- المساواة في المعاملة بين الموظفين الأهالي والفرنسيين.

- إزالة نظام البلديات المختلفة والأقاليم الصحراوية.

- حرية الصحافة والتعبير وإنشاء الجمعيات.

- إلغاء قانون الهجرة.

- وقف العمل بنظام اللامساواة في أداء الخدمة العسكرية.

كما عقد نجم شمال إفريقيا مؤتمره، في ماي 1933م بقيادة مصالي الحاج إذ وصل المؤتمرون إلى بلورة برنامج سياسي شامل لهذا الحزب يتلخص فيما يلي:

- ضرورة أن تعترف فرنسا بالحريات الأساسية.

- إلغاء العمل بالبلديات المختلطة والمناطق العسكرية.

- منح الحق للجزائريين للوصول إلى جميع المناصب والوظائف.

- انسحاب قوات الاحتلال من الجزائر.

- إنشاء حكومة وطنية ثورية، وتشكيل جيش وطني جزائري.

- حرية الصحافة وتأسيس الجمعيات.

- العفو على جميع المعتقلين ورفع الإقامة الجبرية.

- الاعتراف بحق الإضراب والعمل النقابي وسن القوانين الاجتماعية.

- الدعم المادي للقطاع الفلاحي لاسيما للفلاحين.

- التعليم الإجباري باللغة العربية.

- إنشاء برلمان وطني منتخب بواسطة الاقتراع العام.

- إعادة البنوك والمناجم والسكك الحديدية والأملاك العامة إلى الدولة الجزائرية.

ولقد تعرض النجم إلى الحل من قبل السلطات الاستعمارية عدة مرات حيث ظهر باسم نجم شمال إفريقيا المجيد سنة1933م، منددا ليتعرض مرة أخرى إلى الحل ليعود سنة 1934م إلى النشاط السياسي، تحت اسم جديد وهو  "الإتحاد الوطني لمسلمي شمال إفريقيا" الأمر الذي ألغته سلطات الاحتلال إذا اعتبرته هيئة غير شرعية وقامت بحله في جانفي 1937م وفي 11 مارس 1937م ظهر إلى الوجود باسم حزب الشعب الجزائري.

ثانيا: التيار الاندماجي:

لم تكن فكرة الإندماج وليدة القرن العشرين بل أنها تعود هذه الفكرة  إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر، إذا أن الجنرال بيجو الحاكم العام للجزائر سنة 1840م كان يردد في كلامه  عبارات الدالة على دمج الجزائريين داخل المجتمع الفرنسي.

ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى، استقرت أوضاع الجزائر عام 1919م وبدأ النشاط السياسي الداعي إلى الاندماج مع مجموعة كبيرة من الشباب الجزائريين ،الذين تزعموا هذا التيار بعد أن تركها الدكتور ابن التهامي وجماعته.

وعليه فلقد تمثلت الأحزاب الداعية للاندماج في الجزائر: الحزب الشيوعي وفيدرالية المنتخبين الجزائريين، ثم حزب إتحاد الشعب الجزائرين، الذي تطور فيها بعد إلى حزب الإتحاد الديمقراطي للشعب الجزائري بزعامة فرحات عباس.

 وكانت كل هذه الأحزاب تطالب بتحقيق المساواة بين الأغلبية الجزائرية المسلمة والأقلية الأوروبية المستعمرة.

أ- حزب الشيوعي الجزائري:

  يعود الظهور الفعلي لحزب الشيوعي الجزائري إلى سنة 1924م ، إذا أن الحزب الشيوعي الفرنسي عمل على خلق تحالف بين زملائه العرب والزملاء الشيوعيين في المستعمرات الفرنسية لغاية 1930م.

وبما أنه لم يستطع أن يزرع الأفكار الشيوعية بمفرده في أوساط المجتمعات الخاضعة لسيطرة الفرنسية ،سواء عن طريق الحماية أو عن طريق الاحتلال قرر إنشاء أحزاب شيوعية في كل من تونس والجزائر والمغرب لأن الأحزاب الوطنية في هذه الأقطار بدأت تبتعد عن الحزب الشيوعي الفرنسي ،فعندما لاحظت الأممية الشيوعية أن الفكر الشيوعي قليل الانتشار في الجزائر وأعضاؤها يعملون بقصد نيل الاستقلال والانفصال عن فرنسا.

وعليه قد أوجبت على الحزب الشيوعي الفرنسي أن يهيكل فرعه في الجزائر ،بتأسيس الحزب الشيوعي الجزائري في فرنسا ويتكون أعضائه من أغلبية المستوطنين. المقيمين بالجزائر وقد عمل الحزب الشيوعي الفرنسي على تعريب الحزب الشيوعي الجزائري من أجل جلب أبناء الجزائر إلى صف الحزب الشيوعي الجزائري المستقل نظريا عن الحزب الفرنسي، ومن الشخصيات المرموقة في الحزب الشيوعي الفرنسي التي تم تحويلها إلى حزب الشيوعي الجزائري ،مع إعطائها مسؤوليات جديدة فيه نخص منهم بالذكر عمر بوقرط وعمار أوزقان لكن المشكلة التي صادفت الحزب الشيوعي الجزائري ،أنه كان يقوم  ثورة مع الفلاحين ضد الإمبريالية والإقطاع ولا يتطرق إلى الموضوع الجوهري مثل بقية الأحزاب الوطنية التي كانت تحمل على عاتقها تحرير الجماهير من الهيمنة الفرنسية، ولهذا بقي الحزب معزولا عن الجماهير ولم يحض بتأييدهم غير أن الحزب الشيوعي الجزائري لم يكن حزبا جزائريا صرفا وقد ظل هذا الحزب طوال مدة خمسة عشر عاما فرعا من الحزب الشيوعي الفرنسي ولم يكن له أي استقلالية فبحكم أصلها.

وجدت الشيوعية الجزائرية نفسها تعاني من عائق جدي وهو تبعيتها إزاء الإستراتيجية المقررة في باريس وفي موسكو فحتى سنة 1936م، لم يكن هناك حزب جزائري بل كانت توجد فيدرالية جزائرية للحزب الشيوعي الفرنسي، فقد حمل فرحات عباس في فيدرالية المنتخبين الراية التي سقطت من يدي الأمير خالد الداعية إلى العيش في سلام جنيا إلى جنب مع المستوطنين، بعد إلغاء القوانين الجائرة المناهضة للديمقراطية وأعاد بعث حركة الشباب الجزائري التي عرفتها الجزائر في مطلع القرن العشرين، وقد كانت مطالب فرحات عباس متأثرة بالأمير خالد والمتلائمة لوضعية شعبه والرافضة لسياسة الاستعمار، وعرفت هذه الحركة أوجهها حين حضت بمساندة الحزب الشيوعي الجزائري وكان الحزب الشيوعي الفرنسي هو الذي كان يسير سواء عبر الكوادر الأوروبية وديلوش ثم إيلي مينيو أو مباشرة بواسطة ممثليه الموجودين داخله.

والجدير بالذكر أن هذا الحزب المدافع الوحيد على مطالب العمال الجزائريين بالمهجر ومن خلاله تعلموا العمال وسائل النضال والكفاح.

وقد تجسدت فكرة الحزب الشيوعي الجزائري إثر انعقاد المؤتمر التأسيسي بمدينة الجزائر يومي 17 و 18 أكتوبر 1936م وتمثلت مطالب الحزب الشيوعي الجزائري فيما يلي:

- إلغاء القوانين الاستثنائية.

- المساواة في الخدمة العسكرية وفي الحقوق والواجبات بين الأهالي.

- حرية التعليم إجبارية على الجزائريين.

- حق الجزائريين في تقلد جميع المناصب.

- إعادة النظر في قانون الانتخابات الصادر عام 1910م.

- التمثيل النيابي في الجمعية الوطنية الفرنسية.

- المساواة في الأجور.

- إلغاء القيود المفروضة على الهجرة إلى فرنسا.

ب- حركة النواب:

ظهرت حركة النواب الجزائرية أو فدرالية المسلمين المنتخبين كما يطلق عليها في بدايات القرن التاسع عشر ميلادي، وكانت هذه الحركة المعاصرة لحركة الأمير خالد وفي نفس الوقت المعارضة القوية لحركته.

وتعتبر حركة النواب حركة نخبوية تخاطب مثقفي الفرنسية أساسا ،ولم تكن حركة منسجمة مع بعضها البعض لأنها كانت نتاجا لمحاولات ومساعي الاستلاب الثقافي والذيني التي عمد إليها الاستعمار، ودخلت هذه الحركة ميدان الكفاح بجانب الأمير خالد وقد كان الدكتور ابن التهامي من الأعضاء البارزين والناشطين وبشدة في فيدرالية المسلمين المنتخبين، وكانوا رواد هذه الحركة من المقتنعين بفكرة التجنيس والمؤيدين لها.

والجدير بالذكر أنهم قاموا بتأسيس اتحادية النواب المسلمين الجزائريين  يوم 18 جوان 1927م، وترأسها الدكتور ابن التهامي بالمجلس العمالي لعمالة الجزائر وكان إبن التهامي المتحدث الرسمي في جريدة التقدم وعقدت الاتحادية مؤتمرها الأول في 11 سبتمبر 1927م.

واتخذت في هذا المؤتمر عدة اقتراحات وهي كما يلي:

- تمثيل الأهالي للجزائريين في البرلمان.

- المساواة في الخدمة العسكرية.

- إلغاء الإجراءات المفروضة على العمال الأهالي القاصدين فرنسا.

- احترام الحضارة الإسلامية.

- إلغاء القانون الخاص بالأهالي.

- المساواة في الحقوق السياسية.

- تطبيق القوانين الاجتماعية في الجزائر.

- إقامة مجامع انتخابية في الأجور الممتزجة حسب قانون 1919م.

وأنشئت عمالة قسنطينة بزعامة رائد الإدماج الدكتور ابن جلول، يوم 20 جوان 1930م كما ظهرت في حركة النواب شخصية لامعة فيها أخذت تشن الغارة على المظالم الاجتماعية  والأجحاف السياسي، وهي شخصية فرحات عباس من أكبر الشخصيات المتحمسة إلى سياسة الإدماج والتجنيس وربط الجزائر بفرنسا.

ثالثا: التيار الإصلاحي:

برزت بوادر النهضة العلمية والإصلاحية في الجزائر مع مطلع القرن العشرين على يد جماعة من العلماء أمثال: صالح بن مهنا، حمدان لونيسي، عبد القادر المجاوي وغيرهم من رواد الحركة الإصلاحية كانت قد ظهرت في المشرق في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

حيث أتيحت الفرصة لبعض الجزائريين متابعة دراستهم، في المشرق واستلام رسالة الإصلاح إذ أسسوا فورا رجوعهم إلى الجزائر مجموعة من المدارس الحرة.

كما قاموا بتنشيط المحاضرات والدروس في النوادي وكان ثمرة هذه الحركة الإصلاحية بروز ما يعرف بجمعية العلماء المسلمين، التي لعبت دورا بارزا في إعادة بعث وإحياء الذين الإسلامي واللغة العربية في الجزائر، وأيضا محاربة الاستعمار الفرنسي.

جمعية العلماء المسلمين:

أ/- ظروف تأسيسها:

 لقد ظهرت جمعية العلماء المسلمين في ظروف متميزة يمكن اختصارها فيما يلي:

- حلول الذكرى المشئومة المتمثلة في احتفال فرنسا بمرور مائة عام على احتلال الجزائر(1830م-1930م) وما رافقه طيلة ستة أشهر من افتخار وصخب واستعراض لمختلف الأغاني والموسيقى دون مراعاة للمشاعر الجزائريين.

- تجنيس كل المولودين بالجزائر من أبوين أجنبيين وإعطائهم امتيازات معتبرة في الإدارة  والخدمات.

- الاعتداء، الصاروخي على الحريات الأساسية للمواطنين الجزائريين والتضييق على الصحافة الجزائرية والمدارس العربية.

- محاربة القضاء الإسلامي.

- بروز كتلة من النخبة الجزائرية ذات ثقافة فرنسية تدعو إلى إدماج الجزائر والذوبان في الحضارة الفرنسية.

- تشجيع الجاليات اليهودية للهيمنة على النشاطات الاقتصادية ومنحها امتيازات خاصة بعد إعطائها الجنسية الفرنسية.

 كما أن مصادر الجمعية تذكر بأن التفكير في العمل الإصلاحي المنظم يعود إلى بداية القرن العشرين وعلى وجه التحديد عام 1913م عندما التقى إبن باديس بالإبراهيمي في المدينة المنورة.

 إذ كان يناقشان ما يمكن القيام به بحركة إصلاحية عند العودة إلى الجزائر كما استمر لقائهما حتى، بعد ح،ع،1 وذلك في مدينة سطيف.

 وفي هذا الصدد يقول الشيخ البشير الإبراهيمي " زارني الأخ الأستاذ عبد الحميد بن باديس، وأنا بمدينة سطيف وذلك في سنة أربع وعشرين ميلادية فيما أذكر وأخبرني بموجب الزيارة انه عقد العزم على تأسيس جمعية باسم (الإخاء العلمي) يكون مركزها العام بمدينة قسنطينة العاصمة العلمية ".

 ويتضح أن تكوين جمعية العلماء المسلمين يرجع في الأساس إلى المثقفين الجزائريين ذوي التكوين الإسلامي المشرقي وأن الشيخ عبد الحميد إبن باديس هو صاحب المبادرة منذ البداية إلى غاية تأسيس الجمعية.

ويتضح هنا إيمان ابن باديس بضرورة العمل الجماعي المنظم إذ هو القائل " إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوة، وإنما تكون لهم قوة إذا كانت لهم جماعة منظمة...".

وكان تركيز العلماء على اختيارين هما: التركيز على التعليم بهدف خلق زعماء جدد، ذوي مؤهلات عالية لمواجهة الوضع الراهن، دون خوف حسب تعبير الإبراهيمي ويكون ذلك بمهاجمة المستغلين للبلاد، والاختيار الثاني هو الاتصال المباشر بالجماهير.

وعليه وطبقا لقانون الجمعيات الفرنسي المؤرخ في 01 جويلية 1901، تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم 05 ماي 1931 بنادي الترقي بالعاصمة.

وقد تم في اليوم الذي انتخبت فيه الهيئة الإدارية وضع القانون الأساسي وذلك طبقا لمنطوق إحدى مواد القانون الأساسي، كما تم اقتراح بعض الأسماء الحاضرين إذ تم الموافقة عليهم من قبل الحاضرين.

  كما انتخبت الهيئة الإدارية إبن باديس للرئاسة ويساعده كنائب رئيس البشير الإبراهيمي والأمين العمودي كأمين عام والعقبي كأمين مساعد ومبارك الميلي كأمين للمال وإبراهيم بيوض كأمين مال مساعد.

   كما أن اتخاذ العاصمة مقرا للجمعية رغم أن مؤسسيها البارزين من شرق البلاد بدل قسنطينة التي تغيير مهد للحركة الإصلاحية في الجزائر.

ربما يعود إلى كون الأولى تعتبر مقر للسلطة المركزية من جهة، ومن جهة أخرى وجود النادي الترقي الذي وجدت فيه الجمعية، كما أن أعضاؤه من مؤسسيها ومساعديها الأوائل.

 كما وافق إبن باديس الذي كان متغيبا على قرارات الهيئة الإدارية السابقة وذلك ضمن أعمال الجمعية في يومها الثالث.

وبالتالي فإن السلطات الاستعمارية، قد قامت بمنح الجمعية الترخيص الرسمي وذلك بعد أيام من تقديم طلبها ذلك وفي 22ماي 1931م حصلت على التصريح من الحاكم العام.

  ومن هنا نلخص مبادئ الجمعية في الشعار الذي حملته وهو" الإسلام  ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا ".

ولقد لخص الشيخ الإبراهيمي هذه المبادئ فيما يلي "...إن جمعية العلماء تعمل للإسلام بإصلاح عقائده، وتفهيم حقائقه، وإحياء أدابه وتاريخه وتطالب الاستعمار في بتسليم المساجد والأوقاف كما نطالب باستغلال القضاء، ونرى أن فرنسا العدو للإسلام وللعربية، ونطالب بجدية التعليم العربي وندافع عن الذات الجزائرية التي هي عبارة عن العروبة والإسلام.

ب/ أهداف الجمعية ووسائلها:

تتخلص أهداف جمعية العلماء المسلمين في بدايتها كما يلي:

- محاربة الخرافات والبدع التي شوهت الإسلام.

- بعث نهضة دينية تقوم أساسا على القرآن والسنة النبوية الشريفة.

- نشر التعليم خاصة تعليم اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن ولأن الاستعمار حاربها وحاول القضاء عليها، حتى يحول بين الجزائريين ودينهم الذي هو مصدر قوتهم.

- توعية الشباب من خلال تكوين الشخصية  الجزائرية وتهيئتها للنضال مستقبلا.

- إقامة جسور للتعاون بين الجزائر وبقية الدول العربية والإسلامية، والدعوة إلى توحيد العمل المشترك مع أبناء تونس والمغرب.

وقد استطاعت الجمعية أن تبنى قاعدة شعبية لها، بفضل الكتابات الصحفية لأعضائها وأنصارها في جرائد تتبنى الخط العربي الإسلامي وهي المنتقد 1925م - الشهاب 1936م ،صدى الصحراء   1926م ،الإصلاح 1927م، والبصائر 1935م.

غير أن البعض يرى أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كانت جمعية دينية تربوية إصلاحية فقط، متجاهلين بذلك الحقيقة التي لا مناص منها ولا سبيل لنكرانها والمتمثلة أساسا في مجهودات الجمعية التي كانت تركز في معظمها على الجانب التربوي والتعليمي والإصلاحي بغية خلق قاعدة صلبة وأجيال مرتبطة بتاريخها وأصالتها.

إذ كان لها الدور الكبير في بعث المشاعر الوطنية المعادية للإمبريالية وكانت، من أهم الأطراف المحركة في الجزائر، وتتميز عن باقي الحركات والأحزاب الأخرى الوطنية في كثير من النقاط والأمور، خاصة فيما يتعلق في الإرادة التي لديهم في التجمع.

محاولة في ذلك الحفاظ والإبقاء على الجدار الحديدي الذي سعت لتحقيقه، أي بين حضارة المستعمر وأصالة الأمة الجزائرية.

لكن موقف العلماء لم يكن بتلك السهولة، إذ كانوا كما يقول المثل الأجنبي يمشون على البيض، من خلال رغبتهم في تحقيق مبادئهم وأهدافهم بأية وسيلة مشروعة من جهة ومن جهة أخرى وقوعهم تحت الإجراءات الاستثنائية والمتمثلة في السياسة الفرنسية المتبعة تجاه الجمعية، قصد عرقلة سيرهم وإيجاد الأدلة والذرائع لوضعهم في قفص الإتهام هو الأمر الذي جعل العلماء يناورون ما بوسعهم، وفي  نفس الوقت لا يتنازلون عن مبادئهم وهو الأمر الذي أدى إلى اصطدامهم عدة مرات بالإدارة الفرنسية.

وعلى سبيل المثال فقد توتر الوضع سنة 1933م، بين الإدارة الفرنسية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وازدادت توترا بصدور قرار ميشال في 16 فيفري 1933م، الذي طلب فيه الأمين لولاية الجزائر من جميع المسؤولين أن يمنعوا أنصار جمعية العلماء الجزائريين من القيام بأي نشاط ثقافي أو سياسي أو ديني.

لأن السلطات الفرنسية، ثبت لها أن أعضاء جمعية العلماء المسلمين يختفون تحت اسم الدين، لكي يقوموا بنشاط السياسي،  زعم أن موقف الاستعمار قد كان معتدلا اتجاه جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عند تأسيسها، نظرا لنجاحها في استقطاب نسبة كبيرة من الشباب والمفكرين، وهو الأمر الذي أدى إلى تغيير موقف الإدارة الفرنسية اتجاهها إذ اعتبرتها جمعية خطيرة ويجب الحذر منها.

وهنا يتضح رفض الجمعية للوجود الاستعماري، إذ صرح إبن باديس في جريدة الشهاب سنة 1936م معبرا فيه عن رفض الغوص والاندماج في فرنسا وذلك بقوله " إن هذه الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت، بل هي بعيدة كل البعد في لغتها وأخلاقها وفي عنصرها وفي دينها ولا تريد أن تندمج ولها وطن محدود معين هو الوطن الجزائري.

 ومن أقواله أيضا " إننا نفرق جيدا بين الروح الإنسانية والروح الاستعمارية في كل أمة فنحن بقدر ما نكره هذه ونقاومها ونوالي تلك ونؤيدها لأننا نتيقن كل اليقين إلى أن كل البلاء العالم هو من هذه وكل خير يرجى للبشرية إنما يكون يوم تسود تلك، فلتسقط الروح الاستعمارية ولتنحدر ولترتفع الروح الإنسانية.

 

واقع الحركة الوطنية قبيل انعقاد المؤتمر الإسلامي (الجبهة الشعبية الفرنسية ومشروع بلوم فيوليت)

الاسمبريد إلكترونيرسالة