المؤتمر
الإسلامي الجزائري الأول 1936م (فكرة وأسباب انعقاده
1936م)
أولا: فكرة المؤتمر الإسلامي الجزائري
لقد تباينت
الآراء حول فكرة الدعوة إلى عقد مؤتمر إسلامي جزائري، حيث تعود إلى بدايات النضال
السياسي وبالذات إلى أعقاب الحرب العالمية الأولى، فقد كان الأمير خالد أول من دعا
إلى عقد مؤتمر إسلامي جزائري لكن مشروع الإخاء لم يعرف أية متابعة، غير أن الجبهة
الشعبية الجزائرية للدفاع عن الحريات واحترامها أعادت طرحها سنة 1934م.
كما تحدت كل
من فرحات عباس وسطورا قدور عنها سنة 1935م
إلا أن التاريخ المنصف يرجع فكرة عقد
مؤتمر إسلامي جزائري إلى الأستاذ عبد الحميد إبن باديس إذ نشر في جريدة لاديفانس La défenseفي عددها
الصادر في 3 جانفي 1936م أراء له في السياسة الجزائرية، التي كان لها وقع عظيم ومن
تلك الآراء عقد مؤتمر إسلامي جزائري وقد كان ذلك قبل فوز الجبهة الشعبية بأشهر كما
أشار إلى نفس الفكرة أبو القاسم سعد الله بقوله: " ومهما يكن من أمر، فإن
فكرة الدعوة إلى عقد مؤتمر إسلامي جزائري تنسب إلى الشيخ عبد الحميد إبن باديس.
وفي نفس
السياق أشار محمد الميلي في كتابه، المؤتمر الإسلامي الجزائري، إلى أن جريدة "
لاديفانس La défense " قد دعت إلى طرح
موضوع عقد مؤتمر حيث كتب الأمين العمودي " إن المسلمين أصبحوا بحاجة إلى
التنظيم والإتحاد ".
كما نشرت هذه الصحيفة
سلسلة مقالات حررها الفرنسي " Bernie"
يؤيد فيها فكرة إنشاء حزب إسلامي جزائري.
وبالتالي فإن
سعي إبن باديس إلى عقد مؤتمر إسلامي جزائري، يجمع جميع الأطراف الجزائرية بمختلف
توجهاتهم الإيديولوجية قد بات يوضح مفهوم الوحدة الوطنية لديه.
فعلى الرغم من
أن حركته ذات طابع إصلاحي إلا أننا نلاحظ استبعاده لطابع التعصب، الذي نجده في
كثير من الحركات الدينية الأخرى.
فمفهوم
المؤتمر الإسلامي الجزائري عند إبن باديس
يعتبر قمة التطور في الخط الذي يمثله شعاره، ونقصد هنا شعار الدعوة إلى المساواة
الذي يتجسد في المؤتمر الإسلامي.
فهناك العديد
من الفوارق لدى إبن باديس وغيره من السياسيين المشاركين والمساهمين في المؤتمر،
فهؤلاء السياسيون قد جعلوا من أهداف المؤتمر غاية كما أنهم أقنعوا الجزائريين بأن
الحكومة الفرنسية مستعدة لتحقيق المطالب ونقصد مطالب المؤتمر الإسلامي الجزائري.
أما إبن باديس
فقد كان المفكر السياسي، صاحب النظرة البعيدة، إذ أعلن وهو عضو في المؤتمر أن
الهدف من وجوده هو ضمان بقاء الشخصية الجزائرية وحمايتها من الاندثار، وأن
المطالبة ببرنامج بلوم فيوليت يجب أن لا تتحول إلى مشروع يهدر مقومات الشخصية
الوطنية الجزائرية.
فهو حريص على المضي
إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه هو وأخوه البشير الإبراهيمي، من خلال السير خطوة
خطوة، ودون لفت أنظار الاستعمار الفرنسي إلى نشاطهما وحركتهما مع رفقائهم.
وقد علق أحد
الجزائريين على هذا بأن للإبن باديس أراء بعيدة النظر في السياسة الجزائرية، تقوم
على أن المرجع في مسائل الأمة ترجع إلى الأمة في حد ذاتها ولا يتم ذلك إلا من خلال
المؤتمرات.
لكن فكرة عقد
مؤتمر إسلامي جزائري قد جاءت قبل أشهر من فوز الجبهة الشعبية، وهذا إن دل على شيء
فإنما يدل على أن أمر انعقاد المؤتمر قد كان حتمي وحتى إلم تفز الجبهة الشعبية.
غير أن فرحات
عباس وخلاف لهذا يقول بأن انعقاد المؤتمر قد جاء كعلامة للفرحة بقيام الجبهة
الشعبية، وأن كتلة النواب المنتخبين هي التي ولدت هذا المؤتمر في المقابل يذكر
الإبراهيمي أنه لولا الجبهة الشعبية، ما كان المؤتمر لينجح رغم اقتناعه بصواب رأي
إبن باديس.
ثانيا: أسبابه:
اهتم المؤرخون
بأسباب انعقاد المؤتمر الإسلامي الجزائري فأرجعوها إلى أسباب داخلية وأخرى خارجية.
ومن الأسباب
الخارجية نجد:
- المؤتمرات
الإسلامية التي عقدت خلال العشرينات والثلاثينات وقد اهتمت بها الصحافة الإصلاحية،
فأوردت أخبارها وتوصياتها على صفحاتها ومن هذه المؤتمرات نجد:
- مؤتمر
الخلافة الإسلامية الذي أنعقد في القاهرة.
- المؤتمر
الإسلامي الذي أنعقد بالقدس.
- مؤتمر مسلمي
أوروبا الذي أنعقد بجنيف.
وقد كانت
أوضاع فلسطين و أحوال القارة الهندية
بالخصوص تدعوا المسلمين إلى مثل هذه اللقاءات والتي كانوا يتنافسون أثناءها في
مشاكلهم ومستقبلهم.
- تأثير أفكار
شكيب أرسلان الذي كان يدعوا للاهتمام بشؤون الآمة الإسلامية.
أما بالنسبة
للظروف الداخلية نجد:
- صدور العديد
من المنشورات على رأسها منشور ميشال وأحداث قسنطينة، وما تلاها من زيارة ريني وزير
الداخلية الفرنسي للجزائر عام 1935م.
كذلك عجز
الحكومة الفرنسية عن إقرار أي من المشاريع التي قدمها النواب لإصلاح الوضع في
الجزائر.
- تأسيس جمعية
العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931م .
ومن خلال ما
كتبه الإبراهيمي نستطيع استنتاج أسباب انعقاده والمتمثلة في أن :
- الجزائريين
قد سمعوا الكثير من الوعود التي لم تنفد.
- أن فكرة
المؤتمر لم تظهر إلا بعد فوز أحزاب الجبهة الشعبية.
- الذين كانوا
يحسنون الظن بأحزاب الجبهة الشعبية بمواقفهم الطيبة في السابق من القضية
الجزائرية.
وقد اعتبر المؤرخ
محفوظ قداش الفترة ما بين 1936م – 1939م فترة حاسمة في تاريخ الإصلاح السياسي
الجزائري.
والذي تجسد من
خلال عقد المؤتمر الإسلامي الجزائري الذي يعتبر أول تجمع ضم جميع تيارات الحركة
الوطنية منذ احتلال الجزائر وذلك باستثناء نجم شمال إفريقيا.
- طرح الجبهة
الشعبية لمشاريع إصلاحية منها مشروع بلوم فيوليت.
مقالات ذات صلة بالموضوع:
المؤتمر الإسلامي الجزائري الأول (انعقاده وسير أعماله)
المؤتمر الإسلامي الجزائري الثاني 1937م